تزامن اجتماع وزراء خارجية المغرب العربي في الرباط مع القمة الخليجية في الدوحة، التي تميزت بإعلان السوق الخليجية المشتركة، والاستعداد للعملة النقدية الموحدة في أفق 2010، في حين لم يتجاوز بيان وزراء خارجية بلدان شمال أفريقيا تأكيد التمسك بالخيار المغاربي، والسعي لتنشيط الاتحاد المشلول، وظلت القمة المنشودة هدفا مؤجلا.
السؤال الذي يطرح هنا: ما هي عوامل النجاح التي توفرت للتجمع الخليجي ولم تتحقق للتكتل المغاربي الذي بدأ عند انطلاقته واعدا؟ يميل جل المحللين السياسيين للإجابة عن هذا السؤال بالإحالة الى عاملين أساسيين:
أولهما: تماثل وانسجام البنيات السياسية والاقتصادية في البلدان الخليجية الست، واختلاف بل تضارب هذه البنيات في دول المغرب العربي الخمس.
ثانيهما: خصوصية النزاع الصحراوي الذي يشكل بؤرة توتر متفجرة في قلب المغرب العربي، مما لا مثيل له في الخليج العربي.
ولا شك أن لهذين العاملين تأثيرا لا غبار عليه في تعطيل المشروع الاندماجي المغاربي، لكنهما لا يكفيان في تفسير المعادلة الراهنة، كما سنبين لاحقا.
ولنبادر بالإشارة إلى أن خط التمايز الأساسي بين الحالتين الخليجية والمغاربية هو أن المشروع الخليجي راعى في تشكله محددات الانسجام الداخلي بدل مقتضيات وإمكانات التوسع داخل الفضاء الإقليمي بمفهومه الأوسع.
ومن هنا تم منذ البداية إبعاد العراق واليمن وإيران عن نطاق التكتل الخليجي على الرغم من انتماء تلك البلدان إلى هذا الفضاء في دلالته الواسعة، مما وفر لمجلس التعاون حصانة داخلية حمته من الأزمات العاتية التي عصفت بالمنطقة في العقود الثلاثة الأخيرة، وان كانت لم تحم دول التجمع من الصراعات الإقليمية التي دفعت ثمنها غاليا خلال الحروب الثلاث التي شهدتها الدائرة الخليجية. ولا يزال التحدي الأكبر الذي يواجه مجلس التعاون هو حسم العلاقة الشائكة بين متطلبات الانسجام والتوافق من جهة ومتطلبات الشراكة الإقليمية من جهة أخرى.
أما المشروع المغاربي الذي انبثق من ديناميكية حركة التحرر في الخمسينات فقد عانى منذ بداية حقبة الاستقلال من صراع المحاور الداخلية الذي تركز في التنافس المغربي ـ الجزائري داخل الدائرة الإقليمية وامتداداتها عربيا وإفريقيا. وليس اختلاف نماذج الحكم و الخيارات الآيديولوجية والبنيات الاقتصادية هو العائق الأساسي الذي حال دون نجاح الاندماج المغاربي، بل ان المشكل المحوري الذي اعترض هذا المشروع هو التضارب القائم بين الطرفين المركزيين في الاتحاد (المغرب والجزائر) من حيث العلاقة الثنائية والملفات الإقليمية، مما تمتد جذوره الى ما هو ابعد من موضوع الصحراء، مع الإقرار بأن هذا الموضوع هو بدون شك العقدة المستعصية اليوم في الرهان المغاربي. ففضلا عن المشاكل الحدودية الموروثة عن العهد الاستعماري التي أوصلت البلدين الى المواجهة المسلحة في مطلع الستينيات، كانت الجزائر والمغرب في قلب صدام المحاور العربية الذي أخذ في بعض الأحيان شكل حرب باردة مزقت الصف العربي وشلته. ولم تخرج العلاقة بين الجارين من حالة الاحتقان الا في حقبتين مقتضبتين، شهد فيهما المشروع الاندماجي المغاربي استفاقة عابرة، أولاهما في نهاية الستينات اثر الاتفاق الضمني بين الزعيمين الراحلين الحسن الثاني وبومدين على تسوية نهائية للمشكل الحدودي بين البلدين، وثانيتهما في نهاية الثمانينات بعد توطد الصلات الخاصة بين الملك والرئيس الأسبق بن جديد في أفق مشروع التسوية السلمية لنزاع الصحراء عبر آلية التفاوض برعاية الأمم المتحدة. بيد أن المشروع المغاربي انتكس مجددا في منتصف التسعينات التي كانت سنوات فتنة واحتقان داخلي في الجزائر وسنوات تحول انتقالي هادئ في المغرب. ورغم الرسائل الدافئة المتبادلة بين السياسي المخضرم الذي ولد في المغرب وعاش فيه وانخرط في حركة المقاومة على حدوده الشرقية (بوتفليقة)، والملك الشاب المتحرر من تركة وعقد التنافس والصراع مع الجزائر، إلا أن محاولات توطيد ودفع العلاقات بين الجارين الشقيقين أخفقت دوما، ودفع اتحاد المغرب العربي غاليا ثمن هذه القطيعة المستمرة.
والمفارقة القائمة اليوم هي أن الطموح الاندماجي الذي بدا مطلبا شعبيا، ومشروعا طرحته النخب السياسية المغاربية، غدا اليوم مطلبا استراتيجيا دوليا ملحا، خصوصا لدى الاتحاد الأوروبي الذي ينظر الى منطقة شمال أفريقيا بصفتها امتدادا حيويا له وقنطرة وصل ضرورية مع القارة السوداء والشرق الأوسط.
من هذا المنظور تندرج مشاريع الشراكة المتوسطية المتعددة التي طرحت في السنوات الأخيرة وأهمها مقاربة الاتحاد المتوسطي (على غرار التكتل الأوروبي) التي اقترحها مؤخرا رئيس فرنسا الجديد ساركوزي، الذي بادر بتسويق فكرته في البلدان المغاربية.
ويمكن القول باختصار، ان بلدان الخليج العربي وجدت في المملكة العربية السعودية قاطرة لمشروعها الاندماجي، في الوقت الذي شل فيه الصراع بين مركزي المنظومة المغاربية الطموح الاندماجي المؤجل.
السؤال الذي يطرح هنا: ما هي عوامل النجاح التي توفرت للتجمع الخليجي ولم تتحقق للتكتل المغاربي الذي بدأ عند انطلاقته واعدا؟ يميل جل المحللين السياسيين للإجابة عن هذا السؤال بالإحالة الى عاملين أساسيين:
أولهما: تماثل وانسجام البنيات السياسية والاقتصادية في البلدان الخليجية الست، واختلاف بل تضارب هذه البنيات في دول المغرب العربي الخمس.
ثانيهما: خصوصية النزاع الصحراوي الذي يشكل بؤرة توتر متفجرة في قلب المغرب العربي، مما لا مثيل له في الخليج العربي.
ولا شك أن لهذين العاملين تأثيرا لا غبار عليه في تعطيل المشروع الاندماجي المغاربي، لكنهما لا يكفيان في تفسير المعادلة الراهنة، كما سنبين لاحقا.
ولنبادر بالإشارة إلى أن خط التمايز الأساسي بين الحالتين الخليجية والمغاربية هو أن المشروع الخليجي راعى في تشكله محددات الانسجام الداخلي بدل مقتضيات وإمكانات التوسع داخل الفضاء الإقليمي بمفهومه الأوسع.
ومن هنا تم منذ البداية إبعاد العراق واليمن وإيران عن نطاق التكتل الخليجي على الرغم من انتماء تلك البلدان إلى هذا الفضاء في دلالته الواسعة، مما وفر لمجلس التعاون حصانة داخلية حمته من الأزمات العاتية التي عصفت بالمنطقة في العقود الثلاثة الأخيرة، وان كانت لم تحم دول التجمع من الصراعات الإقليمية التي دفعت ثمنها غاليا خلال الحروب الثلاث التي شهدتها الدائرة الخليجية. ولا يزال التحدي الأكبر الذي يواجه مجلس التعاون هو حسم العلاقة الشائكة بين متطلبات الانسجام والتوافق من جهة ومتطلبات الشراكة الإقليمية من جهة أخرى.
أما المشروع المغاربي الذي انبثق من ديناميكية حركة التحرر في الخمسينات فقد عانى منذ بداية حقبة الاستقلال من صراع المحاور الداخلية الذي تركز في التنافس المغربي ـ الجزائري داخل الدائرة الإقليمية وامتداداتها عربيا وإفريقيا. وليس اختلاف نماذج الحكم و الخيارات الآيديولوجية والبنيات الاقتصادية هو العائق الأساسي الذي حال دون نجاح الاندماج المغاربي، بل ان المشكل المحوري الذي اعترض هذا المشروع هو التضارب القائم بين الطرفين المركزيين في الاتحاد (المغرب والجزائر) من حيث العلاقة الثنائية والملفات الإقليمية، مما تمتد جذوره الى ما هو ابعد من موضوع الصحراء، مع الإقرار بأن هذا الموضوع هو بدون شك العقدة المستعصية اليوم في الرهان المغاربي. ففضلا عن المشاكل الحدودية الموروثة عن العهد الاستعماري التي أوصلت البلدين الى المواجهة المسلحة في مطلع الستينيات، كانت الجزائر والمغرب في قلب صدام المحاور العربية الذي أخذ في بعض الأحيان شكل حرب باردة مزقت الصف العربي وشلته. ولم تخرج العلاقة بين الجارين من حالة الاحتقان الا في حقبتين مقتضبتين، شهد فيهما المشروع الاندماجي المغاربي استفاقة عابرة، أولاهما في نهاية الستينات اثر الاتفاق الضمني بين الزعيمين الراحلين الحسن الثاني وبومدين على تسوية نهائية للمشكل الحدودي بين البلدين، وثانيتهما في نهاية الثمانينات بعد توطد الصلات الخاصة بين الملك والرئيس الأسبق بن جديد في أفق مشروع التسوية السلمية لنزاع الصحراء عبر آلية التفاوض برعاية الأمم المتحدة. بيد أن المشروع المغاربي انتكس مجددا في منتصف التسعينات التي كانت سنوات فتنة واحتقان داخلي في الجزائر وسنوات تحول انتقالي هادئ في المغرب. ورغم الرسائل الدافئة المتبادلة بين السياسي المخضرم الذي ولد في المغرب وعاش فيه وانخرط في حركة المقاومة على حدوده الشرقية (بوتفليقة)، والملك الشاب المتحرر من تركة وعقد التنافس والصراع مع الجزائر، إلا أن محاولات توطيد ودفع العلاقات بين الجارين الشقيقين أخفقت دوما، ودفع اتحاد المغرب العربي غاليا ثمن هذه القطيعة المستمرة.
والمفارقة القائمة اليوم هي أن الطموح الاندماجي الذي بدا مطلبا شعبيا، ومشروعا طرحته النخب السياسية المغاربية، غدا اليوم مطلبا استراتيجيا دوليا ملحا، خصوصا لدى الاتحاد الأوروبي الذي ينظر الى منطقة شمال أفريقيا بصفتها امتدادا حيويا له وقنطرة وصل ضرورية مع القارة السوداء والشرق الأوسط.
من هذا المنظور تندرج مشاريع الشراكة المتوسطية المتعددة التي طرحت في السنوات الأخيرة وأهمها مقاربة الاتحاد المتوسطي (على غرار التكتل الأوروبي) التي اقترحها مؤخرا رئيس فرنسا الجديد ساركوزي، الذي بادر بتسويق فكرته في البلدان المغاربية.
ويمكن القول باختصار، ان بلدان الخليج العربي وجدت في المملكة العربية السعودية قاطرة لمشروعها الاندماجي، في الوقت الذي شل فيه الصراع بين مركزي المنظومة المغاربية الطموح الاندماجي المؤجل.
الجمعة 7 يناير - 15:32:06 من طرف المدير العام
» تطبيق almishahidروعة لمشاهدة قنوات العالم والرياضية
الأربعاء 5 يناير - 2:03:49 من طرف المدير العام
» تاريخ الصحراء الغربية
الجمعة 13 نوفمبر - 21:07:22 من طرف المدير العام
» تعلم الاختراق ببرورات .صنع سيرفر برورات
الأحد 6 سبتمبر - 20:51:22 من طرف Google
» ماهو فيروس الايبولا القاتل ?
الأحد 7 ديسمبر - 19:38:36 من طرف Google
» شرح معنى CNAME,A,MX,NS,TXTفي البرمجة
الأحد 20 يوليو - 6:14:19 من طرف النهر الخالد
» مشهد لمسرحية في يوم العلم 2013
الإثنين 16 يونيو - 0:50:08 من طرف المدير العام
» كتب الموسيقى pdf
الإثنين 16 يونيو - 0:48:34 من طرف المدير العام
» نبذة عن المنتخبات المشاركة في كاس العالم
الإثنين 9 يونيو - 21:03:19 من طرف المدير العام
» وعدة مولاي الطيب بوقطب 2012
الجمعة 4 أبريل - 23:13:39 من طرف المدير العام