كان مجرّد طفل يداعب جروه
الأليف ذات صائفة تحت شجرة الزّيتون عندما ارتفع الصراخ في بيته ...
لحظتها صار الجرو كلبا أمّا هو فضاق على قدميه الحذاء.
يهرول الناس نحو البيت متسائلين عن سبب الصّراخ و سمع أنّ رجلا كان يأتيه
بالتفاح و الإجاص و جوز الهند قد مات... فجأة سمع الكلب يئنّ و قد انحدرت
من عينيه دموع.
الكلاب لا تبكي... و لكنّه أبدا لم يقتنع بهذه الحقيقة لأنّه رأى كلبه يومها يبكي.
ركض مثل البقيّة إلى داخل البيت ليرى أمّه متهاوية على الأرض و الناس من
حولها يمسكونها كي لا تغور فيها تماما...لكـأنّهم خافوا أن يبتلعها البلاط
فلا يسمعون عويلها.
هو؟
لم يبك...لم يتألّم...كلّ ما تملّكه بضعة تعجّب و اندهاش و قليل جدّا من السؤال:كيف تسقط الهامات هكذا؟
- يا محمّد...نعوّل عليك كي نأخذهم في إهابك إلى الحياة...
قال له مدير المدرسة بعد عشرين سنة من تلك الحادثة.
- يا محمّد... أنت سيّد العائلة اليوم و تلك الهامة الغارقة في صراخها أمّك و ذاك المخبول أخوك...لكن أنتَ...أنتَ السيّد.
فجأة أحسّ بأنّ الدهشة لا تناسب مراسيم الحداد فأفرغ نفسه من كلّ اندهاش و
ألقى بذراعيه الصغيرتين حول تلك الكتلة المختلجة ذهولا و ترمّلا يخلصها من
براثين الشفقة الممتدة إليها في نهم جائع إلى اللحم و الإحسان.
و لا يزال يتذكّر و قد مرّ على موت أبيه عشرون سنة مشهدا بقي منغرزا في
ذاكرته،مشهد جروه الّذي استحال فجأة كلبا يبكي، يرمق الحاضرين بعينين
طاهرتين.
ذات يوم استقبلته والدته بابتسامة مصطنعة و رائحة اضطراب تحاول
إخفاءها...بعد أن أكل و شرب صبت عليه فجأة جام الخبر: عمّك جمعة طلبني
للزواج.
أوّل ما تبادر إلىه صورة أب طويل القامة نافر العضلات أسمر البشرة يشق
خدّه الأيسر جرح قديم تلقاه من سكين عميل جزائري للشرطة السرية الفرنسيّة.
و تخيّل نفسه يركب دراجته الناريّة من نوع (ياماها)مطلقا لمّته السوداء
الطويلة للريح.
لكنّه سأل أمّه:
- ما معنى أن يكون زوجك؟
أجابته:
- يصير أب العائلة...
تخيّل للمرّة الأولى أباه و هو (كما وردته الأخبار) جاثما في ركن من باخرة
ما في بحر ما و هو يتضرّع إلى ربّه أن يُنقذه من الغرق.فتذكّر فجأة طعما
قديما لتفاحة و إجاصة و جوز هند...فانتابت الطفل الحمّى.
كانت إجابته أوضح من أن يفصح عنها كلام...
بعد ثلاثة أيّام و عندما كان عائدا من المدرسة وجد نفسه مرميّا على الرصيف و قد تلوثت ميدعته الزرقاء بالغبار و الدم النازف من أنفه:
- دراجة ناريّة من نوع (ياماها) دهسته و واصلت طريقها.
هكذا سمع أحد الهابّين إلى نجدته يقول... و بين اليقظة و الإغماء ، رأى عيني كلب يبكي...
مرّ ذلك اليوم تاركا في جبينه جرحا قد اندمل و في نفسه جرحا آخر...
غير أنّه لم يأبه فأقبل على حياته لا همّ له غير أخ مخبول و أمّ ... كيف كانت أمّه؟ليس يذكر...
يذكر فقط أنّه رآها ذات يوم تقبل عليه بشوشة و قدّمت إليه قناعا للغوص
طالما حلُمَ بأن يحصل عليه... كان يودّ أن يقفز في عنقها مقبّلا لكنّه
فجأة انتبه إلى فراغ فيه:
- أين سلسلتك الذّهبية؟
غمغمت بعبارة لم يفهمها إلاّ بعد أسبوعين تقريبا، لمّا سمع جدّته تلومها:
- تبيعين سلسلتك من أجل هذا البلاستيك؟ حمارة أنتِ مثل أبيكِ...
لم تكن أمّه حمارةً ... كانت ببساطة ملائكة من نوع غير الذي سمع معلّمه في
التربية الإسلاميّة يتحدّث عنه...كانت ملائكة بلا سلسلة من ذهب...
احترق من داخله... بكى في صمت تحت شجرة الزيتون... بادر إلى القناع فأحرقه و لمّا سألته أمّه عنه أجابها:
- تنازلت عنه لصديق لي...
قرعته أمّه بغضب غير أنّه قاطعها:
- صديقي يتيم.
ضحكت بمرارة قائلة:
- و أنتَ؟ ألستَ يتيما؟
كان يتوقع سؤالها و كان الجواب حاضرا في ذهنه:
- هو يتيم أكثر منّي...لقد فقد أمّه.
رأى دمعتها ...ثم أحسها تتدحرج على خدّه....أحسّها طاهرة نقيّة كحبّات الثلج حين تقبّل قمة جبل شاهق...
دمعتها كانت تشبه دمعة كلبه...
أ لا تبكي الكلاب تحت الزيتون حين يضيق على قدميه الحذاءُ؟.
وقف بمواجهة تلاميذه و قال كمن يبتدع الحكمة لتوّه:
- أما الحيوان فلا يصنع تاريخا...إنّه سجين الطبيعة و الغريزة... لا عقل له، لا نظام، لا فلسفة، لا دين...
و واصل في سرّه:
- لكنّ الكلاب تبكي أيضا ...
الأليف ذات صائفة تحت شجرة الزّيتون عندما ارتفع الصراخ في بيته ...
لحظتها صار الجرو كلبا أمّا هو فضاق على قدميه الحذاء.
يهرول الناس نحو البيت متسائلين عن سبب الصّراخ و سمع أنّ رجلا كان يأتيه
بالتفاح و الإجاص و جوز الهند قد مات... فجأة سمع الكلب يئنّ و قد انحدرت
من عينيه دموع.
الكلاب لا تبكي... و لكنّه أبدا لم يقتنع بهذه الحقيقة لأنّه رأى كلبه يومها يبكي.
ركض مثل البقيّة إلى داخل البيت ليرى أمّه متهاوية على الأرض و الناس من
حولها يمسكونها كي لا تغور فيها تماما...لكـأنّهم خافوا أن يبتلعها البلاط
فلا يسمعون عويلها.
هو؟
لم يبك...لم يتألّم...كلّ ما تملّكه بضعة تعجّب و اندهاش و قليل جدّا من السؤال:كيف تسقط الهامات هكذا؟
- يا محمّد...نعوّل عليك كي نأخذهم في إهابك إلى الحياة...
قال له مدير المدرسة بعد عشرين سنة من تلك الحادثة.
- يا محمّد... أنت سيّد العائلة اليوم و تلك الهامة الغارقة في صراخها أمّك و ذاك المخبول أخوك...لكن أنتَ...أنتَ السيّد.
فجأة أحسّ بأنّ الدهشة لا تناسب مراسيم الحداد فأفرغ نفسه من كلّ اندهاش و
ألقى بذراعيه الصغيرتين حول تلك الكتلة المختلجة ذهولا و ترمّلا يخلصها من
براثين الشفقة الممتدة إليها في نهم جائع إلى اللحم و الإحسان.
و لا يزال يتذكّر و قد مرّ على موت أبيه عشرون سنة مشهدا بقي منغرزا في
ذاكرته،مشهد جروه الّذي استحال فجأة كلبا يبكي، يرمق الحاضرين بعينين
طاهرتين.
ذات يوم استقبلته والدته بابتسامة مصطنعة و رائحة اضطراب تحاول
إخفاءها...بعد أن أكل و شرب صبت عليه فجأة جام الخبر: عمّك جمعة طلبني
للزواج.
أوّل ما تبادر إلىه صورة أب طويل القامة نافر العضلات أسمر البشرة يشق
خدّه الأيسر جرح قديم تلقاه من سكين عميل جزائري للشرطة السرية الفرنسيّة.
و تخيّل نفسه يركب دراجته الناريّة من نوع (ياماها)مطلقا لمّته السوداء
الطويلة للريح.
لكنّه سأل أمّه:
- ما معنى أن يكون زوجك؟
أجابته:
- يصير أب العائلة...
تخيّل للمرّة الأولى أباه و هو (كما وردته الأخبار) جاثما في ركن من باخرة
ما في بحر ما و هو يتضرّع إلى ربّه أن يُنقذه من الغرق.فتذكّر فجأة طعما
قديما لتفاحة و إجاصة و جوز هند...فانتابت الطفل الحمّى.
كانت إجابته أوضح من أن يفصح عنها كلام...
بعد ثلاثة أيّام و عندما كان عائدا من المدرسة وجد نفسه مرميّا على الرصيف و قد تلوثت ميدعته الزرقاء بالغبار و الدم النازف من أنفه:
- دراجة ناريّة من نوع (ياماها) دهسته و واصلت طريقها.
هكذا سمع أحد الهابّين إلى نجدته يقول... و بين اليقظة و الإغماء ، رأى عيني كلب يبكي...
مرّ ذلك اليوم تاركا في جبينه جرحا قد اندمل و في نفسه جرحا آخر...
غير أنّه لم يأبه فأقبل على حياته لا همّ له غير أخ مخبول و أمّ ... كيف كانت أمّه؟ليس يذكر...
يذكر فقط أنّه رآها ذات يوم تقبل عليه بشوشة و قدّمت إليه قناعا للغوص
طالما حلُمَ بأن يحصل عليه... كان يودّ أن يقفز في عنقها مقبّلا لكنّه
فجأة انتبه إلى فراغ فيه:
- أين سلسلتك الذّهبية؟
غمغمت بعبارة لم يفهمها إلاّ بعد أسبوعين تقريبا، لمّا سمع جدّته تلومها:
- تبيعين سلسلتك من أجل هذا البلاستيك؟ حمارة أنتِ مثل أبيكِ...
لم تكن أمّه حمارةً ... كانت ببساطة ملائكة من نوع غير الذي سمع معلّمه في
التربية الإسلاميّة يتحدّث عنه...كانت ملائكة بلا سلسلة من ذهب...
احترق من داخله... بكى في صمت تحت شجرة الزيتون... بادر إلى القناع فأحرقه و لمّا سألته أمّه عنه أجابها:
- تنازلت عنه لصديق لي...
قرعته أمّه بغضب غير أنّه قاطعها:
- صديقي يتيم.
ضحكت بمرارة قائلة:
- و أنتَ؟ ألستَ يتيما؟
كان يتوقع سؤالها و كان الجواب حاضرا في ذهنه:
- هو يتيم أكثر منّي...لقد فقد أمّه.
رأى دمعتها ...ثم أحسها تتدحرج على خدّه....أحسّها طاهرة نقيّة كحبّات الثلج حين تقبّل قمة جبل شاهق...
دمعتها كانت تشبه دمعة كلبه...
أ لا تبكي الكلاب تحت الزيتون حين يضيق على قدميه الحذاءُ؟.
وقف بمواجهة تلاميذه و قال كمن يبتدع الحكمة لتوّه:
- أما الحيوان فلا يصنع تاريخا...إنّه سجين الطبيعة و الغريزة... لا عقل له، لا نظام، لا فلسفة، لا دين...
و واصل في سرّه:
- لكنّ الكلاب تبكي أيضا ...
الجمعة 7 يناير - 15:32:06 من طرف المدير العام
» تطبيق almishahidروعة لمشاهدة قنوات العالم والرياضية
الأربعاء 5 يناير - 2:03:49 من طرف المدير العام
» تاريخ الصحراء الغربية
الجمعة 13 نوفمبر - 21:07:22 من طرف المدير العام
» تعلم الاختراق ببرورات .صنع سيرفر برورات
الأحد 6 سبتمبر - 20:51:22 من طرف Google
» ماهو فيروس الايبولا القاتل ?
الأحد 7 ديسمبر - 19:38:36 من طرف Google
» شرح معنى CNAME,A,MX,NS,TXTفي البرمجة
الأحد 20 يوليو - 6:14:19 من طرف النهر الخالد
» مشهد لمسرحية في يوم العلم 2013
الإثنين 16 يونيو - 0:50:08 من طرف المدير العام
» كتب الموسيقى pdf
الإثنين 16 يونيو - 0:48:34 من طرف المدير العام
» نبذة عن المنتخبات المشاركة في كاس العالم
الإثنين 9 يونيو - 21:03:19 من طرف المدير العام
» وعدة مولاي الطيب بوقطب 2012
الجمعة 4 أبريل - 23:13:39 من طرف المدير العام